د. . أوري ديور، مدير مركز العلاج المتعدد التخصصات لعلاج بطانة الرحم المهاجرة في مركز هداسا الطبي.

بطانة الرحم المهاجرة هو مرض نسائي تعاني منه واحدة من كل عشر نساء في سن الخصوبة، والذي يتميز بالأساس بآلام في منطقة الحوض واضطرابات في الحيض.

في الحالة الطبيعية، نسيج الرحم الداخلي يتواجد داخل تجويف الرحم. لدى النساء المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة، يتواجد هذا النسيج خارج الرحم. عندما يتواجد نسيج الرحم خارج الرحم، يسبب الالتهاب ويشكل بؤر لبطانة الرحم المهاجرة. يمكن أن تكون هذه البؤر بأحجام وأعماق متفاوتة ويمكن أن تظهر في أي مكان في تجويف البطن والحوض: في قناة فالوب، في المبيض وفي الأربطة التي تدعم الرحم، والمثانة، والأمعاء، وأماكن أخرى. في حالات نادرة ، يمكن العثور على هذه البؤرأيضًا في أماكن بعيدة مثل الرئتين.

وجود هذه البؤر قد يتسبب في آلام شديدة جدًا، ومشاكل في الخصوبة و في الحيض، واضطرابات وظيفية كبيرة.

الأنواع:

  • المرض السطحي: في هذا المرض، تتواجد بؤر بطانة الرحم المهاجرة  على الأعضاء ولكنها لا تخترقها.
  • المرض العميق: في هذا الحالة، تخترق بؤر بطانة الرحم المهاجرة  الأعضاء. في كثير من الحالات، تتكون نسيج الندبة، ونتيجة لذلك، تحدث التصاقات في تجويف البطن والحوض، وأحيانًا تسبب تغييرًا كبيرًا في الوضع الطبيعي للأغضاء  داخل البطن والحوض.
  • المرض المبيضي (كيس المبيض): في هذه الحالة، تتواجد بؤر بطانة الرحم المهاجرة  في المبيض، وفي كثير من الحالات تظهر على شكل كيس مبيض يسمى ورم بطانة الرحم.

 

أعراض الألم

الأعراض الشائعة تشمل:

  • آلام شديدة جداً أثناء الحيض.
  • آلام تبدأ قبل عدة أيام من بداية الحيض وتستمر خلالها وحتى بعدها.
  • آلام خلال العلاقات الجنسية.
  • آلام واضطرابات في وظائف الأمعاء.
  • آلام واضطرابات في التبول.
  • آلام مزمنة في منطقة الحوض.
  • آلام أثناء التبول.
  • هجمات شديدة من الألم بين الحيضين.

عدد كبير من النساء يعانين من آلام مزمنة في منطقة الحوض طوال الشهر، تأتي هجمات شديدة من الألم وأحيانًا تكون الاضطرابات الوظيفية شديدة وملحوظة.

أعراض إضافية:
  • تورم في البطن.
  • ضعف وإرهاق.
  • نزيف في المستقيم أو نزيف أثناء التبول.

من المهم أن نشير إلى أنه لا توجد علاقة بين درجة المرض وشدة الألم، وأن المرض السطحي و الخفيف قد يسببا آلامًا شديدة وتأثيرات وظيفية خطيرة.

الخصوبة

نحو ثلث النساء المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة  يعانين أيضًا من مشكلات في الخصوبة. في حالات أخف قد يكون السبب وراء مشكلات الخصوبة مرتبطًا بالبيئة الالتهابية في الحوض. وفي الحالات الأكثر شدة والتي تصاحبها مشاكل كبيرة في الخصوبة، يكمن التحدي في بيئة التهابية شديدة والتأثير على المبايض  وقنوات فالوب.

لماذا يحدث ذلك؟

بالرغم من الأبحاث العديدة في هذا المجال، لا تزال الأسباب الدقيقة لتشكل بطانة الرحم المهاجرة غير واضحة، لكن المحتمل أنها ناتجة عن مجموعة من العوامل:

  • إحدى النظريات الشائعة التي تفسر جزءًا من ظاهرة بطانة الرحم المهاجرة  تشير إلى نزيف الحيض “العكسي” حيث ينتقل دم الحيض مع خلايا الغشاء الداخلي للرحم عبر قنوات فالوب الى تجويف الحوض، وبالتالي تُشكل تجمعات بؤر بطانة الرحم المهاجرة في تجويف البطن
  • تغييرات في وظيفة الجهاز المناعي.
  • تأثيرات هرمونية.
  • علاقة وراثية (تكثر حالات بطانة الرحم المهاجرة في العائلات).
  • خلايا الصفاق/ البريتوان التي تتحول لتكون خلايا بطانة الرحم

بطانة الرحم المهاجرة  هو مرض شائع للغاية، والتقدير الحالي هو أن واحدة من كل عشر نساء قد يعانين من بطانة الرحم المهاجرة ، بدرجات متفاوتة من الشدة. الانتشار مرتفع للغاية لدى النساء اللاتي يعانين من آلام حوض مزمنة ولدى النساء اللاتي يعانين من عدم الخصوبة.

التشخيص والعلاج

نظرًا لأن ظهور بطانة الرحم المهاجرة  قد يكون بأشكال متعددة ومتنوعة وقد يشبه حالات أخرى في أمراض النساء وحالات طبية أخرى، وبالنظر إلى أن الوعي بالمرض ليس كبيرا بما يكفي، قد يتأخر التشخيص لسنوات طويلة في كثير من الأحيان.

يمكن تحديد بطانة الرحم المهاجرة  العميق والمبيضي من خلال الفحص الجسدي أو من خلال فحوص الصور الطبية مثل الموجات فوق الصوتية المستهدفة لبطانة الرحم المهاجرة أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI). ومع ذلك، اليوم يمكن تشخيص بطانة الرحم المهاجرة  السطحي (والتشخيص النهائي لبطانة الرحم المهاجرة العميقة) فقط عن طريق تمييز تجمعات بطانة الرحم المهاجرة  أثناء جراحة تنظيرية صغيرة تعرف باسم “منظار البطن التشخيصي” (Laparoscopy).

بناءً على أن بطانة الرحم المهاجرة  هو مرض مزمن، يستهدف العلاج النهج الطويل الأمد. العلاج طويل الأمد يمكن أن يتضمن استخدام علاجات هرمونية مختلفة، علاج جراحي، تغذية، علاج طبيعي وعلاجات بديلة. العلاج معقد ويختلف من مريضة لأخرى استنادًا إلى كيفية تجلي الأعراض، والأعراض التي تعاني منها، والمعلومات المستمدة من الفحص الجسدي والاختبارات المختلفة للتصوير.

العلاج الدوائي

بطانة الرحم المهاجرة  هو مرض معتمد على نشاط الاستروجين لتطوره ونشاطه، وبالتالي يتم استخدام وسائل هرمونية مختلفة تهدف إلى تقليل تحفيز الاستروجين لمنع نشاط المرض. تشمل العلاجات الهرمونية المختلفة: حبوب منع الحمل، أجهزة تحتوي على البروجسترون ، تنظيمات هرمونية وما إلى ذلك. أظهرت العديد من الدراسات تحسنًا في أعراض الألم لدى النساء اللواتي تم علاجهن بوسائل هرمونية مختلفة.

العلاج الجراحي

يتم إجراء العلاج الجراحي باستخدام عملية تسمى المنظار البطني. خلال هذه العملية، يتم قطع جرح بطول سم في السرة وحتى عدة جراحات صغيرة (حوالي 5 ملم) على جوانب البطن. من خلال هذه الجراحات، يتم إدخال كاميرا وأدوات جراحية إضافية إلى البطن. يتم تنفيذ فحص دقيق لفضاء البطن والحوض لتحديد جميع التجمعات بطانة الرحم المهاجرة  في البطن والحوض.

بعد تحديد البؤر يمكن قطعها أو حرقها. هناك نهجين ممكنين  ولكن النهج الذي يستخدمه الدكتور ديور هو طريقة القطع، حيث يكون هدف الجراحة إزالة بؤر  بطانة الرحم المهاجرة  التي تسبب أعراض المريضة. في الحالات الأكثر تعقيدًا، تكون الجراحات معقدة جدًا وتتطلب مهارات جراحية عالية جدًا، وبالتالي يتم إجراء هذه الجراحات بواسطة أطباء جراحيين تلقوا تدريبًا مناسبًا لعلاج الحالات المعقدة. حتى في الحالات الاسهل فإن التدخل الجراحي يتطلب مهارات عالية تسمح في المقام الأول بتحديد التجمعات التي من الصعب التعرف عليها وبالتالي علاجها، نظرًا لأن تجمعات بطانة الرحم المهاجرة  في بعض الأحيان تكون قريبة من أعضاء مهمة في الحوض والبطن. أظهرت العديد من الدراسات تحسنًا واضحًا في أعراض الألم و الخصوبة للنساء اللواتي أجرين جراحة لعلاج بطانة الرحم المهاجرة .

بطانة الرحم المهاجرة  – النهج الشامل

الهدف من علاج بطانة الرحم المهاجرة  هو مساعدة النساء اللواتي يعانين من المرض في العودة إلى حياة طبيعية بدون آلام شديدة ومساعدة النساء اللواتي يعانين من مشاكل الخصوبة. في الوقت الحاضر، من الواضح تمامًا أن علاج بطانة الرحم المهاجرة  يجب أن يكون عبارة عن علاج شامل قد يشمل العلاج الدوائي والعلاج الجراحي والعلاج عن طريق طبيب أوجاع والعلاج الطبيعي لعضلات الحوض، وتغذية مناسبة، وعلاجات طبية مكملة والمزيد.

للختام: بطانة الرحم المهاجرة  هو حالة في طب النساء شائعة جدًا تؤثر بشكل كبير على جودة حياة النساء اللواتي يعانين منها. تشتمل عملية التشخيص والعلاج المختلفة على تقدير دقيق من قبل متخصص في هذا المجال. هناك العديد من الطرق لتخفيف الألم ومعالجة مشكلات الخصوبة التي قد ترتبط بهذه الحالة وتحسين بشكل كبير جودة حياة النساء اللواتي يعانين من هذا المرض.

الدكتور أوري ديور هو مدير المركز المتخصص لعلاج بطانة الرحم المهاجرة  في المركز الطبي هداسا.

لقراءة المزيد على موقع الدكتور أوري ديور، اضغطي هنا