كثيرًا ما يُثنى على فوائد الرضاعة. ومع ذلك، حتى إذا كنا نرغب جدًا بإرضاع أطفالنا، قد لا تكون الرضاعة سهلة دائمًا، فقد تكون صعبة ومحبطة في بداية الطريق. الرضاعة في الأيام الأولى بعد الولادة قد تكون تحديًا، ولكنها مهمة جدًا. إذا اخترنا الرضاعة، يجدر بنا أن نتعلم ونفهم المزيد عنها.

טל שוחט, צילום

اللبأ colostrum

اللبأ هو السائل الذي يفرز في الثدي قبل الحليب نفسه، وهو غني جدًا بالمواد المضادة التي تحمي الطفل من الالتهابات. تقوم معظم النساء بإنتاج حوالي ثلاثة معالق من الحليب خلال ال 24 ساعة بعد الولادة، وحوالي 13 معالق في اليوم الثاني، وهو بالضبط المقدار الكافي للطفل الذي معدته بحجم قبضته. الأمهات اللواتي يحتجن لسحب الحليب لأسباب طبية، مثل عندما يتم إدخال الطفل إلى  وحدة العناية المركزة، قد يحبطون من كمية الحليب الصغيرة جدًا خلال الأيام الثلاثة الأولى. ومع ذلك، حتى اليوم الثالث أو الرابع، تقوم معظم الأمهات بسحب كمية أكبر من الحليب.

العرض والطلب

انخفاض مستويات البروجسترون بعد الولادة يؤدي إلى بدء إنتاج الحليب، الذي يستمر في الإنتاج وفقًا لمبدأ العرض والطلب. عندما يرضع الرضيع، يتم تحفيز الحلمة وهالة الحلمة، مما يؤدي إلى إطلاق أوكسايتوسين و البرولاكتين من الغدة النخامية في الدماغ. الاوكسايتوسين مسؤول عن “رد الفعل الطبيعي لإفراز الحليب”، حيث يدفع الحليب من الغدد نحو الحلمة وإلى الخارج. البرولاكتين مسؤول عن إنتاج الحليب. عندما يُفرغ الثدي، تستجيب الغدد اللبنية للبرولاكتين ويتم إنتاج المزيد من الحليب. كلما تم تفريغ الثديان أكثر، زاد إنتاج الحليب. هذا هو السبب في أن النساء اللاتي يرضعن توائم ينتجن كمية كافية من الحليب لكليهما.

 وضعية الطفل وقربه من الثدي

المفتاح لتجنب الألم وضمان تدفق الحليب هو التصاق جيد للرضيع بالثدي، حيث يجب أن يدخل الرضيع أكبر قدر ممكن من الثدي في فمه ولا يجب أن يضغط الحلمة بين الشفتين في الجزء الأمامي من الفم (واحدة من الطرق لتوضيح ذلك هو أن شفتي الرضيع يجب أن تبدو وكأنها “أسد يزأر ” وليس “خنزير يلملم شفتيه”). لتثبيت الرضيع، من المفضل دعم الثدي بالأصابع بعيدًا عن الحلمة والتأكد من ألا تعوق الأصابع الرضيع. ثم، يمكن تحفيز مركز الشفة السفلي للرضيع باستخدام الحلمة لتنشيط رد الفعل اللاإرادي للبحث. عندما يفتح الرضيع فمه بشكل واسع، يجب علينا أن نحتضن الرضيع بشكل يجعل الحلمة عميقة في فمه ويبدأ الحليب في التدفق بسهولة.

“في الأيام الأولى، استشرت كل من استطعت حول الرضاعة – فريق الممرضات، وصديقاتي، وأختي. بلا خجل. في كل مرة أرضعت فيها، أريت  لمن كانت بجواري وسألتها إذا كانت وضعية الرضاعة تبدو لها صحيحة، وإذا كان الرضيع يمسك الثدي بشكل جيد في فمه. بهذه الطريقة، جمعت نصائح وإرشادات ساعدتني كثيرًا فيما بعد”.

تستخدم الكثيرات منا طريقة الاستلقاء بشكل تلقائي لإطعام أطفالنا، حيث يتم وضع الرضيع بين ذراعينا على جانبنا، ووجههم نحونا، بطنهم إلى بطننا والأنف نحو الحلمة.  لتجنب آلام الظهر، يُفضل وضع وسادة تحت الرضيع وتقريبهم لنا بدلاً من الإنحاء نحوهم. وضعية قبضة “كرة القدم”، حيث يتم وضع الرضيع بجانبنا وساقيه مطوية أسفل ذراعينا، هي وضعية فعالة بشكل خاص للأمهات اللاتي خضعن لعملية قيصرية، حيث تساعد  في تجنب الضغط على الغرز في البطن. كما إنها مريحة للنساء اللاتي لديهن ثديين كبيرين، حيث يصبح من السهل رؤية فم الرضيع. يمكن أيضًا الاستلقاء على الجانب بجوار الرضيع، بطن مقابل بطن أثناء إطعامهم أثناء الاستلقاء على الجانب مع وجوههم إلينا.

نصائح لرضاعة ناجحة

  • في الشهر الأول، من المفضل الرضاعة وفقًا لاحتياجات الطفل وليس وفقًا لساعات ثابتة.
  • إذا واجهنا مشكلات أو أسئلة مقلقة، من الأفضل استشارة مستشارة أو مرشدة الرضاعة  في اسرع وقت قدر الإمكان.
  • الرضاعة مهمة، ولكن ليس دائمًا ننجح فيها على الفور، التعرف على التحديات مسبقًا سيساعد في مهمة الرضاعة.
  • من المهم جدًا تخفيف الضغط. القلق والتوتر يمكن أن يعيقوا عملية الرضاعة، ولكن الرضاعة تسير على ما يرام عندما نقوم بها بتروي.
  • من المستحسن تشكيل بيئة داعمة حولنا للرضاعة: العائلة، الأصدقاء، مجموعات الأمهات، يمكننا مشاركة التحديات والتخبطات  حول الرضاعة معهم.
  • يمكن أن تفقد الأم المرضعة حتى 300 مل من السوائل (نتيجة للرضاعة والتعرق). لذلك، من المهم شرب كمية كبيرة جدًا من السوائل بشكل خاص أثناء وبعد الرضاعة لتجنب الجفاف وتلبية احتياجات الطفل.
  • أفضل طريقة للحفاظ على الطاقة وإنتاج الحليب أثناء فترة الرضاعة هي النوم. لذلك، خاصة في الأسابيع الأولى، من الأفضل أن تذهبي للنوم في كل مرة ينام فيها الطفل (نعم، حتى في وسط النهار).

تحديات في الرضاعة

الطفل غير قادر على الالتصاق

يعاني بعض الأطفال ، خاصة أولئك الذين ولدوا قبل أسبوع من موعد الولادة ، من مشكلة في الإمساك بالثدي ، أو قد يكونوا أكثر نعاسًا من المعتاد خلال الـ 12-14 ساعة الأولى من حياتهم.

إذا حدث ذلك، يفضل أن نستمر في تقديم الثدي للطفل ونحاول التعرف على علامات الجوع. لإيقاظ الأطفال، يمكن أن تدغدغي أقدامهم الصغيرة، تدلكيهم، أو تمسكي بهم قليلاً، أو تغيري لهم الحفاضة. على عكس الأطفال النعسين، هناك أطفال  يقظون لكنهم ليسوا هادئين جدًا، وبالتالي يصعب عليهم الالتصاق بالثدي. تقنيات التهدئة والاسترخاء – مثل التلامس الجلدي بيننا وبين الطفل (والتي توصى بها دائمًا، خصوصًا للأطفال الذين وُلدوا مبكرًا – انظر “الولادة المبكرة” في الفصل 24: تحديات الإنجاب\صعوبات الخصوبة)، السماح لهم بمص الإصبع قبل أن نعطيهم الثدي، وافراز اللبأ للحلمة – يمكن أن تهدئ الطفل بحيث يمكنهم البدء في الأكل. من المستحسن تجربة تغيير طريقة مسك الطفل وموقعه على الثدي، حيث أن وضعيات مختلفة قد تكون أكثر فائدة من غيرها. بعضنا يحتاج إلى تحفيز الحلمة لتكون بارزة وصلبة بما فيه الكفاية حتى يمكن للطفل التقاطها.

إذا لم يكن الطفل قادرًا على الالتصاق بالثدي بعد، من المستحسن أن تبدأي في شفط الحليب كل ثلاث ساعات لمدة 10-15 دقيقة. في الأيام الأولى، يكون الشفط باليد أكثر فعالية. يمكن أن تجربي أيضًا استخدام مضخة يدوية أو كهربائية يمكن التحكم في قوتها. فيما بعد، من المستحسن استخدام مضخة كهربائية تسمح بالشفط المزدوج (في كلا الثديين في نفس الوقت). تساعد المضخة في تحفيز الجسم على الاستمرار في إنتاج الحليب حتى يتمكن الطفل من الرضاعة بفعالية. يمكن استخدام حقنة صغيرة أو ملعقة لتقطير الحليب في فم الطفل.

أثناء وجودك في المستشفى، من المستحسن محاولة مقابلة  مستشارة الرضاعة، التي تكون جزءًا من فريق قسم الولادة. إذا كنت تنوين مغادرة المستشفى قبل أن يتمكن الطفل من الرضاعة بفعالية، من المستحسن أن  تفكري في تحديد  لقاء متابعة  مع مستشارة متخصصة في هذا المجال، مثل مستشارة رضاعة معتمدة أو مرشدة رضاعة. يمكنك العثور على  قائمة بمستشاري الرضاعة على موقع.. الجمعية الاسرائيلية لمستشاري الرضاعة الطبيعية.  مصدر دعم آخر هو منظمة  “ليتشي لييغ “ (Leche League)، وهي منظمة محلية غير ربحية تابعة للمنظمة الدولية، تهدف إلى تشجيع ودعم الرضاعة. مرشدات المنظمة تقدمن الدعم والمعلومات في موضوع الرضاعة الطبيعية بشكل تطوعي، عادة عبر الهاتف، وتعقد لقاءات شهرية في جميع أنحاء البلاد تتناول الأمور المتعلقة بالأمومة والرضاعة.

“رفض طفلي الأول أخذ الثدي – شعرت كما لو أنه ينبذني؛ استغرق مني ساعات لجعله يلتصق بالثدي، ثم بعد عشر دقائق كان عليّ أن أبدأ بـ”تبديل الجانب” كما قالت الأخصائية. عائلتي دفعتني للتوقف. بعد أسبوع قررت شفط الحليب وتغذية الطفل من زجاجة الرضاعة.  مع الطفل التالي، استمعت فقط لصديقتي التي استطاعت أن تنجح في الرضاعة الطبيعية.  لقد أرضعته لمدة 13 شهرًا والطفل الثالث لمدة ثلاث سنوات! لو كان طفلي الأول هو الثالث، كنت سأشعر بالأمان أكثر وكنت سأتعامل بشكل أفضل. بالتأكيد كان سيلتصق بالثدي في النهاية”.

الحلمة المقلوبة (الغائرة)

بعضنا نمتلك  حلمات منتفخة (بارزة أو منتصبة) عند الاحتكاك أو التحفيز. ، بينما لدى البعض الآخر منا تكون منسحبة (مقلوبة) عند الضغط على الهالة، مما يجعل من الصعب على معظم الأطفال الإمساك بالثدي.  بعض الحلمات الأخرى بها نوع من الشق في المنتصف يمكن أن يسبب إصابة وألم. تغذية الطفل في الساعة الأولى من حياتهم وتجنب الزجاجات يمكن أن تساعد، وكذلك “اغطية الحلمات” أو قوقعة الرضاعة الطبيعية  (التسمية بالعبري:  “קונכיות הנקה”)  المصنوعة من بلاستيك تتلائم مع فتحة الحلمة، التي يتم ارتداؤها داخل حمالة الصدر في الشهر الأخير من الحمل. تساعد “اغطية الحلمات ” في إخراج الحلمات وتهيئتها للرضاعة. أثناء الرضاعة يمكن استخدام “حلمة من السيليكون”. إذا لم يكن الطفل قادرًا على التمسك بالثدي لفترة طويلة، قد نحتاج إلى تغذيتهم من زجاجة أو كوب أو حقنة.

تحجر/ تكتل

الاحتقان (الامتلاء)  هو علامة جيدة، تشير إلى أن الجسم يقوم بإعداد كمية كافية من الحليب للطفل. ومع ذلك، عندما يتغير الحليب من اللبأ إلى الحليب المكتمل، يمكن أن يصبح الثدي ممتلئاً إلى حد يصعب على الطفل الالتصاق بالثدي. . يتميز الاحتقان بثديين صلبين وجلد مشدود، أحمر وساخن للمس. في حالة الاحتقان يمكنك شفط الحليب يدوياً  في قطعة قماش نظيفة أو استخدام مضخة الثدي لبضع دقائق حتى يلين الثدي حول الحلمة (الشفط الطويل قد يؤدي الى حدوث تهيج وإنتاج المزيد من الحليب، وبالتالي المزيد من الاحتقان). وضع كمادات باردة يساهم في تقلص الأوعية الدموية وبالتالي إلى  تدفق الدم بشكل فعال، وتقليل الاحتقان ونقل الحليب بفعالية أكثر. تدليك الثدي في حركات دائرية باتجاه الحلمة، ووضع أوراق الكرنب (الملفوف) الباردة داخل حمالة الصدر، ووضع الطفل على الثدي بشكل متكرر، والتدليك أو الماء الدافئ على الظهر بين الكتفين، ممكن أن يساعدوا على تحفيز إفراز وإنتاج الحليب.

الاحتقان حالة مؤقتة، ومع العناية الجادة، يشعر معظمنا بالتحسن في غضون 24-48 ساعة. لكن الاحتقان غير المعالج يمكن أن يؤدي إلى مشاكل، حيث يقلل من إنتاج الحليب عن طريق ضبط آلية الارتجاع البيولوجي لتأخير إفراز البرولاكتين. إذا لم تتحسن حالة الثديين بشكل ملحوظ أثناء الرضاعة، من المهم أن تتوجهي  للمساعدة المهنية. يتلقى الأطفال الحليب حتى عندما يكون الثدي محتقناً، لذا من المهم أن تستمري في الرضاعة حتى أثناء الاحتقان.

هناك حالات عندما يكون الطفل متوتراً أو يبكي أثناء الرضاعةالطبيعية. قد تكون  هذه تجربة محبطة ومرهقة جداً لنا، خاصةً عندما نعتقد أن الرضاعة يجب أن تهدئ الطفل. هناك عدة أسباب محتملة لانزعاج وتوتر الأطفال أثناء الرضاعة: قد يكون تدفق الحليب ضعيفًا جدًا أو على العكس، سريعًا جدًا (ما يُعرف بـ “رد فعل سريع لإفراز الحليب”)، بحيث تصل كمية زائدة من الحليب إلى فم الطفل في وقت واحد ويجد صعوبة في التعامل معه. استشارة مستشارة الرضاعة ومراقبة سلوك الطفل قبل وأثناء الرضاعة يمكن أن تساعد في تحديد ما يزعجهم وتخفيف مشاعر الإحباط والفشل.

لمزيد من القراءة، انظر كتاب “المرأة  وكيانها”، 2011، تحرير: تال تمير. منشورات بن شمن: منشورات مودن.