تال شوحاط, تصوير

خلال فترات مختلفة في حياتنا جميعًا، قد نشعر بالحزن، الغضب، الخوف أو الارتباك. في بعض الأحيان، قد نكون قادرين على تسليط الضوء على حدث مؤلم أو سلسلة من الأحداث التي أضعفتنا. قد يكون هناك شيء ما يصاحبنا طوال حياتنا والآن يشعرنا بالثقل؛ قد يكون ذلك عدم الثقة بالنفس، صورة جسد سلبية أو صعوبات في الحزم وبناء علاقات. قد نشعر بالقلق بسبب العمل، المال، الخلافات أو المرض، أو نكون قد تعرضنا للتمييز او العنصرية  (بناءً على الجنس، العرق، الوضع الاجتماعي، العمر، المظهر الخارجي، الميول الجنسي، الهوية الجنسية، الدين، الإعاقة أو أسباب أخرى). يمكن أن تكون أحداث  كالتعرض للأذى الجنسي أو الجسدي أو النفسي، أو فقدان شخص محبوب، تحديًا يصعب أو يصبح مستحيلا التعامل معه بمفردك. صحتنا العقلية تتأثر ليس فقط من أزمات  طبيعية مثل الفقدان، أو المرض، أو الإصابة، بل أيضًا بالأزمات التي قد لا يعترف المجتمع بأنها  كذلك (ويعتبرها طبيعية). قد نجد أنفسنا نعيش مشاعر صعبة مثل الحزن، الإحباط، أو الغضب بسبب تطورات طبيعية تمامًا، أو حتى “إيجابية” مثل بداية دراسة جديدة، مغادرة منزل الوالدين، الزواج، الولادة أو انفصال الأبناء. في مثل هذه الحالات، قد نعاني من توتر بين الرغبة الخارجية في الشعور بالسعادة والصعوبة في الاعتراف بمشاعرنا الحقيقية حتى أمام أنفسنا. وفي بعض الأحيان، نشعر ببساطة بالسوء دون معرفة السبب.

قد تؤدي العوامل المسببة للصعوبات النفسية إلى تغييرات في الأداء, وحالة المزاج وقد تسبب اكتئابًا، وقلقًا شديدًا، وشعورًا بعدم الرضا، والشعور بأن “الحياة تمر بي”، أو “أنا غير قادرة على بناء علاقات وثيقة” أو “أنا دائمًا محاصرة في نفس المواقف بدون أن أفهم لماذا”.

في مثل هذه الحالات، الدعم العاطفي والعملي يمكن أن يكون من مصادر القوة الثمينة. البيئة الداعمة تشكل أساسًا قويًا للتعامل. غالبًا ما يكون لدينا مصادر أكثر اتاحة مما نتوقع، سواء في أنفسنا أو في بيئتنا. ومع ذلك، قد لا يكون الأشخاص القريبين منا قادرين على مساعدتنا، أو قد لا يكونوا مستعدين للمساعدة، أو قد لا يعرفون كيفية ذلك. قد يكونون جزءًا كبيرًا من المشكلة بدلاً من مساعدة، أو قد لا نستطيع الوصول إليهم. في مثل هذه الحالات، اللجوء إلى مهنيين قد يكون مصدر دعم فعال.

“لم أكن أدرك أنني في حالة اكتئاب، لم يكن لدي تصور عن ذلك. استمر ذلك لفترة طويلة، ولكنه تفاقم في هذه السنة. لم يكن لدي شغف للقيام بأي شيء، كنت مملة، ليس لدي خطة أو هدف. ليس لدي رغبة في النهوض من السرير في الصباح، ليس لدي أي شيء. لم يكن لدينا مكان ثابت، كنا ما بين بلدين- البلاد هنا وبلغاريا، نسافر إلى بلغاريا لحضور حفل زفاف أخ زوجي. اهلي وزوجي لاحظوا أني كنت سلبية زيادة، أكثر منطفئة وبعيدة عن الحماس. أرسلوني إلى معالجة نفسية وقالت لي إنني في حالة اكتئاب. كان ذلك غريبًا، قلت “حقًا؟” كنت مندهشة. أرشدتني مباشرةً لتناول الأدوية. تناولت أدوية مضادة للاكتئاب وبدأت أيضًا في العلاج النفسي، وبعد بضعة أشهر كنت على ما يرام”.

حالات الطوارئ النفسية

قد تنجم حالات الطوارئ النفسية عن مجموعة متنوعة من الأسباب، مثل الأمراض النفسية، استخدام المخدرات والكحول، حالات العنف، حالات اضطراب ذهني ناتجة عن استخدام المخدرات أو عن الأمراض النفسية، خرف الشيخوخة، مشاكل سلوكية للأطفال، أو انتكاسة عاطفية شديدة.

يجب أن نكون يقظين للتغييرات الواضحة في سلوكنا أو في مستوى أدائنا، التي قد تكون علامات على مستوى من الضغط النفسي العالي، مثل التغييرات في مزاجنا، نمط النوم والتغذية، أو سلوكنا بشكل عام. قد يتجلى الاكتئاب في نقص في الشهية أو أكل مفرط، صعوبات في النوم أو ساعات نوم مبالغ فيها، وانخفاض واضح في مزاجنا وقدرتنا على الأداء، والاهتمام بما يحدث حولنا، والاستمتاع. قد يتجلى القلق الشديد في صعوبات التنفس والنوم، زيادة في توتر العضلات، شعور بالخوف من خطر محدد أو غير محدد، ونوبات الهلع.

إذا كنا نعاني من معاناة نفسية شديدة ونشعر بأن هناك خطرًا يهددنا أو يهدد الآخرين، أو إذا كنا نتعامل مع شخص قريب يشكل خطرًا على نفسه أو على محيطه، فمن الأفضل أن نتصرف بسرعة كما نفعل في حالات الطوارئ الجسدية، وأن نلجأ إلى مهني قادر على أن  يوفر لنا تقييم للحالة وتقديم المساعدة الفورية.

يمكننا إجراء محادثة مع خدمات الطوارئ المختلفة التي تقدم المساعدة النفسية الأولية عبر الهاتف أو الإنترنت، أو التوجه إلى خدمة الصحة النفسية في حالات الطوارئ التي سترسل مهنيا على الفور أو تسمح لنا بالوصول فورا إلى موعد في العيادة العلاجية ، أو الوصول إلى غرفة الفحص في المستشفى. في كل مستشفى، يوجد دائمًا طبيب نفسي مهني يتولى تقديم الدعم في حالات الطوارئ. يمكن أيضًا الوصول إلى غرفة الفحص في مركز الدعم النفسي القريب من منزلنا.

نظرًا للمعاناة الكبيرة التي تنبع من حالات الطوارئ النفسية، من المستحسن، إذا كان ذلك ممكنًا، أن نتحدث مع شخص نثق به ونطلب منه أن يبقى بجانبنا، يساعدنا في اللجوء للمساعدة، أو يرافقنا إلى المستشفى. قد يُطلب منا البقاء هناك لمدة 24 إلى 48 ساعة إذا توصل المستشفى الى استنتاج أننا نشكل خطرًا على أنفسنا أو على الآخرين من خلفية نفسية. بعد انتهاء الأزمة، من المستحسن محاولة البحث عن خيارات علاجية مناسبة في المنطقة، التي يمكن أن تقدم الدعم في المستقبل

 

للقراءة الإضافية، انظروا في كتاب ‘المرأة وكيانها’، 2011. تحرير تل تمير. بن شيمن: مودان